الهيدروجين على الطريق: الوقود الجديد الذي يقود مستقبل النقل

في الوقت الذي تواصل فيه السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات (BEVs) اكتساب شعبية في طرقات العالم، يبرز الهيدروجين كخيار واعد لمستقبل النقل، لا سيما في القطاعات التي تواجه فيها السيارات الكهربائية تحديات، مثل الشاحنات الثقيلة والنقل لمسافات طويلة.

آسيا: التزام وطني تجاه الهيدروجين

في آسيا، يتجاوز التوجه نحو الهيدروجين حدود التكنولوجيا، حيث وضعت اليابان هذا المصدر للطاقة في قلب استراتيجيتها التنموية طويلة الأمد، وتسعى بنشاط إلى بناء ما تسميه "مجتمع الهيدروجين". وقد أثّر هذا النهج على العديد من القطاعات، من الصناعة إلى النقل العام.

كوريا الجنوبية أيضًا تحرز تقدمًا ملحوظًا. فعلى سبيل المثال، أطلقت شركة هيونداي شاحنات تعمل بالهيدروجين مثل طراز XCIENT، مع خطط للتوسع في السوق الأوروبية. كما تعمل الحكومة الكورية على دمج الهيدروجين ضمن أنظمة النقل الحضري، في خطوة قد تشهد انتشارًا عالميًا قريبًا.

أوروبا: استراتيجية مناخية وبنية تحتية

يرتبط النهج الأوروبي تجاه الهيدروجين ارتباطًا وثيقًا بأهداف المناخ. وتعتبر القارة أن هذه التكنولوجيا أداة حاسمة لإزالة الكربون من القطاعات التي لا تزال السيارات الكهربائية تواجه صعوبات فيها، مثل شحن البضائع لمسافات طويلة.

شركات مثل دايملر تراك وفولفو تطور شاحنات تعمل بالهيدروجين، بينما تُبنى ممرات مخصصة للهيدروجين عبر الحدود، ما يسمح لتلك المركبات بالتنقل بين الدول دون عوائق لوجستية.

أما في ما يتعلق بالسيارات الصغيرة، فالحماس أقل نسبيًا. ورغم أن علامات تجارية مثل بي إم دبليو ورينو تعمل على نماذج تجريبية تعمل بالهيدروجين، فإن هيمنة السيارات الكهربائية في السوق جعلت من الهيدروجين خيارًا ثانويًا. ومع ذلك، قد يكون له دور مهم في حالات محددة، مثل السفر لمسافات طويلة دون الحاجة إلى انتظار طويل لإعادة الشحن.

أمريكا الشمالية: تقدم حذر ولكن ثابت

في أمريكا الشمالية، التقدم أبطأ نسبيًا. تركز كل من الولايات المتحدة وكندا على استخدام الهيدروجين في الشاحنات الثقيلة وبعض فئات السيارات المتخصصة، من دون الحماسة ذاتها التي نشهدها في آسيا أو أوروبا.

لكن ولاية كاليفورنيا تبرز كرائدة في هذا المجال. فمنذ عام 2015، قادت الولاية جهود تطوير البنية التحتية للهيدروجين، إذ تمتلك الآن أكثر من 60 محطة تعبئة عاملة، مع خطط لتوسيعها إلى أكثر من 200 محطة في السنوات المقبلة. وتقع هذه المحطات في الغالب داخل مناطق حضرية مثل لوس أنجلوس ومنطقة خليج سان فرانسيسكو، ما يسهل استخدام الهيدروجين من قبل الأفراد والأساطيل التجارية.

التحديات المقبلة: تكلفة الهيدروجين الأخضر

رغم تزايد الاهتمام العالمي، يواجه انتشار الهيدروجين تحديًا رئيسيًا يتمثل في التكلفة العالية لإنتاج "الهيدروجين الأخضر" — وهو النوع المستدام حقًا لأنه يُنتَج من مصادر طاقة متجددة. وتعد هذه العقبة المالية حائلًا أمام التبني الواسع حتى الآن.

مستقبل مشترك

الهيدروجين لا يسعى إلى استبدال السيارات الكهربائية، بل إلى تكملة التحول نحو تنقل أنظف. وبينما يختلف مستوى التقدم من منطقة إلى أخرى، إلا أن الاتجاه واضح: مستقبل النقل المستدام سيعتمد على مزيج من التقنيات، تُستخدم كل منها بحسب الحاجة والسياق.